فهذه مقالات أربعة ينتظمها جميعا الاهتمام بقضية المنهج في مجال الدين المقارن. وهي قضية جديرة بالاعتناء بالنظر إلى ذاتها، وواجبة الاهتمام بالنظر إلى واقع عالمنا المعاصر. فقد أنجز الغرب الكثير حول المنهج في دراسة الأديان منذ أن ظهر هذا العلم بصورة منظمة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وكتب لجهودهم الذيوع والانتشار في ظل إهمال علمي غير مبرر لهذا الجانب في العالم الإسلامي الذي ظل كثير ممن أبدى اهتمامه بالأديان يقوم بتحقيق المحقق، ونشر المنشور، أو بتأليفات لا تتجاوز تراث ابن حزم والشهرستاني بدون أن يلقي بالا لقضية المنهج وجهود المسلمين الرائدة فيها وبدون وقفة نقدية لها ولما يقدمه الغرب. وعندما نشرت البحث المعنون: مشكلة المنهج في علم الدين المقارن في الغرب عام ١٩٩٣ كان ذلك أول اهتمام علمي بالموضوع باللغة العربية وأفاد منه الكثيرون حتى إن منهم من قام بنشر بحوث اعتمد فيها تماما على هذا البحث بدون إشارة ما إليه . وهذا الذي جعلني أبادر بالموافقة عندما رغب إلي أخي وصديقي الأستاذ الدكتور العلامة محمد سالم أبو عاصي نشر مقالاتي في قضية المنهج في كتاب واحد يسهل على الناس الإفادة منه وأرجو أن يجد الباحثون وطلبة العلم في هذه المقالات - التي تحمل عصارة خبرتي الطويلة في تدريس مقارنة الأديان ومناهجها في مراحل الماجستير، والدكتوراه، والبكالوريوس - بغيتهم.
