كتاب صَيد الخاطر لابن الجَوزي دراسة في تفاعُل الأديب مع مُجتمعه

 أدب الخواطر من الفنون الأدبية التي لها قيمتها على الصعيد الشخصي لما تمثله من جانب وجداني تعكس فيه شخصية كاتبها، وهو من الفنون التي لها قيمتها على الصعيد العام لما تمثله من جانب اجتماعي تعكس فيه صورة المجتمع الذي عاش فيه الكاتب وزمانه ومكانه. وقد تميز كتاب " صيد الخاطر" للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (508هـ- 597هـ) (1114م– 1201م) بمضمونه الفكري، وبلغته الأدبية السلسة، وبأسلوبه الممتع، مما يعزز أهمية عرضه ودراسته وتحليله لبيان مدى ارتباط هذه النماذج من المراجع الأدبية الفكرية الجامعة بحياة كاتبها ومجتمعه، وتأثيرها على أبناء الثقافة الواحدة. يهدف هذا البحث لدراسة بعض محاور كتاب " صيد الخاطر" لابن الجوزي وتحليلها، رامياً إلى تسليط الضوء على تداخل التاريخ والفقه والأدب في تمثل الحياة الاجتماعية. فقد عرض ابن الجوزي أفكاره وسجلها في ثلاثمئة واثنين وسبعين فصلاً قصيراً سيختار هذا البحث منها محاور متنوعة تبرز أفكار الكاتب الرئيسية في دور الأدب في خدمة المجتمع، وتفاعل الأديب مع مجتمعه؛ من مثل: أهمية الزمن، حيرة عالم، بين العلم والعمل، التفكر في الله ومحبته، دور المرأة في حياة الرجل، جهاد الهوى، الشهوات مهلكة، شرف البشر، النظافة والجمال، حقيقة العشق، قمع الشهوة، أسرار الغرائز، سياسة النفس، التعفف والصبر، العالم ومراحل حياته، في تعليم التدبير. وقد جاء اختيار ابن الجوزي نموذجاً لأديب اشتُهر بأنه علامة عصره في علمي التاريخ والحديث، وبرز بين نظرائه بكثرة تصانيفه وشموليتها حيث كان من أنصار التخصصات الواسعة. و إن كانت هناك دراسات سابقة تناولت ابن الجوزي وكتابه صيد الخاطر، إلا أن المجال يبقى متاحاً لمزيد من التعمق في النظر وعرض محاور جديدة لجذب انتباه الجيل المعاصر لأهمية دور الأدب في التأثير إيجابياً على المجتمع.